في اكتشافٍ غير مسبوق، عثر علماءٌ على أول قطعة عنبر في أنتاركتيكا، مُسجّلةً بذلك أقصى نقطةٍ جنوبيةٍ وُجد فيها العنبر على مستوى العالم. قاد فريقٌ من الباحثين من معهد ألفريد فيجنر وجامعة فرايبيرغ للتعدين والتكنولوجيا هذه الدراسة التي نُشرت نتائجها في مجلة “ساينس ديلي”.
يُعدّ العنبر، وهو راتنجٌ متحجّرٌ من الأشجار القديمة، بمثابة كبسولةٍ زمنيةٍ تُحفظ بداخلها حشراتٌ ونباتاتٌ من عصورٍ ماضية. ويُقدم هذا الاكتشاف المُثير نظرةً ثاقبةً على الظروف البيئية التي سادت غرب أنتاركتيكا قبل 90 مليون عام، حيثُ تشير إلى وجود غابةٍ مطيرةٍ معتدلةٍ ومُستنقعاتٍ غنيةٍ بأشجار الصنوبر بالقرب من القطب الجنوبيّ خلال منتصف العصر الطباشيريّ.
يقول الدكتور يوهان كلاجيس، المؤلف الرئيسيّ للدراسة: “تُتيح لنا شظايا العنبر التي تمّ تحليلها رؤيةً مباشرةً للظروف البيئية التي سادت في غرب أنتاركتيكا قبل 90 مليون عام”. ويُضيف عالم الجيولوجيا البحرية من معهد ألفريد فيجنر: “هذا الاكتشاف الرائع يُشير أيضًا بمزيدٍ من التفصيل إلى كيفية عمل الغابة التي أعيد بناؤها في دراستنا عن الطبيعة لعام 2020. لقد كان من المُثير للغاية إدراك أنه في مرحلةٍ ما من تاريخها، كانت جميع القارات السبع تتمتع بظروفٍ مناخيةٍ تسمح لأشجار إنتاج الراتنج بالبقاء. هدفنا الآن هو معرفة المزيد عن النظام البيئيّ للغابات – إذا احترقت، وإذا كان بإمكاننا العثور على آثارٍ للحياة داخل العنبر. يُتيح هذا الاكتشاف رحلةً إلى الماضي بطريقةٍ أكثر مباشرةً.”
تمّ العثور على عنبر أنتاركتيكا لأول مرة بواسطة جهاز حفر قاع البحر MARUM-MeBo70 من قسم الجرف الأوسط لحوض جزيرة باين في بحر أموندسن، غرب أنتاركتيكا، خلال رحلة RV Polarstern الاستكشافية في أوائل عام 2017. ويُطلق على هذه العينة اسم عنبر جزيرة باين، وهي تعود إلى منتصف العصر الطباشيريّ، أي ما بين 92 و 83 مليون سنة.
يُشير هذا الاكتشاف إلى أنّ القارة القطبية الجنوبية، التي نعرفها اليوم ببيئتها الجليدية، كانت ذات يومٍ تُغطيها غاباتٌ مطيرةٌ دافئة. ويُسلّط الضوء على التغيرات المناخية الهائلة التي شهدها كوكب الأرض على مرّ العصور.